أخبار دولية

المخيمات الفلسطينية في الأردن وسوريا ولبنان.. لاجئون في دول الجوار.

 

أنشأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) 31 مخيما رسميا للاجئين الفلسطينيين الذين عبروا الحدود إلى دول الجوار (الأردن وسوريا ولبنان) عبر موجات من الهجرة، أعقبت الاعتداءات والقمع والحروب التي تعرض لها سكان فلسطين، فضلا عن إقامة عدد آخر من المخيمات غير الرسمية، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين.
وتباين الوضع القانوني لفلسطينيي الشتات، فبينما منحت الحكومة الأردنية اللاجئين الفلسطينيين (باستثناء المهجرين من قطاع غزة) الجنسية الأردنية وحقوق المواطنة كاملة، قدمت لهم السلطات السورية معظم حقوق المواطنة دون تجنيسهم، أما في لبنان فيشكون من حرمانهم من معظم الحقوق الإنسانية في الحركة والتملك والعمل.
وإضافة إلى اختلاف الأوضاع القانونية في الدول المضيفة، تتسم هذه المخيمات بالهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، وتجمعها هموم الاكتظاظ السكاني والبنى التحتية المهترئة والمباني المتهالكة ونقص الخدمات الأساسية وتراجع المستوى الصحي والتعليمي، وتنامي المشاكل الاجتماعية، وتفشي البطالة وارتفاع نسب الفقر.
التاريخ
أدت الاعتداءات التي نفذتها العصابات الصهيونية على الفلسطينيين بعد قرار التقسيم من 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 وحتى منتصف مايو/أيار 1948 حين خرجت القوات البريطانية من فلسطين، إلى هجرة نحو 350 ألف فلسطيني، وبعد إعلان قيام إسرائيل استمرت عمليات التهجير، حتى قُدر عدد اللاجئين بما يقارب مليون فلسطيني.
وترك الفلسطينيون أراضيهم قسرا وتوجه معظمهم إلى المناطق التي لم تحتل من فلسطين التاريخية، بينما عبر آخرون الحدود إلى دول الجوار، لا سيما الأردن وسوريا ولبنان، ولم يجد اللاجئون في بادئ الأمر ما يلجؤون إليه سوى المغارات والكهوف والمدارس والمساجد والكنائس والثكنات العسكرية القديمة، بل اضطر بعضهم للبقاء تحت الشجر وناموا في العراء.
ثم بدأت حملات المعونة الإنسانية من مؤسسات دولية كالصليب الأحمر وجمعيات أهلية، وقدمت حكومات الدول المضيفة والسكان المحليين المساعدة، ونصبت الخيام للاجئين وأمّنت الغذاء والمساعدات الطبية.
وكان اللاجئون يتجمعون في الغالب قرب الحدود، على أمل العودة إلى بيوتهم بعد انتهاء الحرب، وشكلت هذه التجمعات مخيمات يلتقي فيها الفلسطينيون في المنفى من مختلف قرى ومدن وبلدات الوطن، ويقيمون جنبا إلى جنب في أوضاع معيشية قاسية.
تأسيس وكالة “الأونروا”
عام 1948 صدر قرار الأمم المتحدة الذي ضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فتأسست وكالة الأونروا في ديسمبر/كانون الأول 1949، لتقديم برامج إغاثة مباشرة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وبدأت عملها بالفعل خلال بضعة أشهر من تأسيسها.
وكان اللاجئون قد بدؤوا بالانتشار داخل الدول المضيفة، مشكلين تجمعات أخرى متناثرة خارج المخيمات القائمة، وبدت هذه الظاهرة مقلقة للسلطات المحلية، مما حمل الأونروا على نقل اللاجئين إلى المخيمات، وبناء مخيمات أخرى لاستيعابهم.
وبدأت “الأونروا” بعملية إعادة تأهيل للمخيمات وبناء وحدات سكنية على شكل أكواخ جاهزة أو غرف من الطوب بدلا من الخيام، وبدت الأكواخ، وإن لم تكن وفق معايير مرتفعة، تطورا مقارنة بالخيام، وامتازت بتكلفة أقل وعمر أطول، وبحلول سنة 1959 حل محل معظم الخيام نظام الأكواخ.
وكانت “الأونروا” توفر وحدات سكنية، بواقع غرفة للعائلات الصغيرة وغرفتين للعائلات الكبيرة، على مساحة من الأرض، تفسح مجالا للعائلة بإضافة غرف أو مرافق من مطبخ ودورة مياه، إذ كانت الوحدات السكنية خالية من دورات مياه خاصة، وكان يتم استخدام دورات مياه عامة أنشأتها الوكالة.
وقد بنت الأونروا عددا كبيرا من المساكن في الأردن، بينما اختلفت سياستها في لبنان، إذ وزعت مواد التسقيف على اللاجئين وأنشؤوا الوحدات السكنية بأنفسهم، وقدمت مواد تسقيف بالإضافة إلى هبات نقدية في سوريا، كما قدمت الحكومة السورية منحا أخرى لمساعدة اللاجئين.
ووفرت الوكالة داخل المخيمات كذلك مدارس ومراكز صحية ومواضع لتزويد السكان بالمياه، إذ لم تكن الوحدات السكنية موصولة بشبكات مياه.
النكسة وموجة تهجير ثانية
وبعد نكسة 1967 احتلت إسرائيل ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، وبدأت موجة نزوح كبيرة إلى الأردن وسوريا، ضمت لاجئين مسجلين لدى الأونروا، وآخرين لم يدخلوا ضمن لوائحها، أطلق عليهم مصطلح “نازحين”، وذلك أن اللاجئين الذين يدخلون تحت رعاية الوكالة وفقا لتعريفها، هم “الأشخاص الذين كان مكان إقامتهم الطبيعي هو فلسطين خلال الفترة من 1 يونيو/حزيران 1946 إلى 15 مايو/أيار 1948، والذين فقدوا منزلهم ووسائل عيشهم نتيجة لصراع عام 1948”.
وانضم كثير من المُهجَّرين لأقربائهم ومعارفهم في المخيمات التي كانت بالفعل قد امتلأت، وبدى على مبانيها التهالك، ولم تستوعب المخيمات الأعداد المتزايدة، فأقام كثير من اللاجئين الجدد في المساجد والمدارس الحكومية ومدارس “الأونروا”، واحتاج الأمر مع هذا الوضع إلى بناء مخيمات جديدة، فبنيت 3 منها في الأردن وواحد في سوريا.
ومع مرور عقود على إقامة المخيمات، التي أنشئت في الأصل كوضع مؤقت، تضاعف عدد سكان المخيمات، وارتفعت نسبة الكثافة السكانية، وزادت المباني حتى غص بها المكان، مع تدهور في الأوضاع المعيشية والخدمات والبنى التحتية.
وفي مطلع القرن الحادي والعشرين أطلقت الأونروا برنامجا جديدا بهدف تحسين الأوضاع المعيشية في المخيمات، على أساس الفصل بين حق اللاجئين في تحسين ظروفهم المعيشية في المخيمات والمطالبة بحق العودة.
المخيمات الفلسطينية في الأردن
يستضيف الأردن العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين على مستوى الأقاليم الخمسة لوكالة الأونروا في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان، إذ يعيش فيه 2.2 مليون لاجئ فلسطيني مسجل. (معطيات الأونروا للعام 2023) بنسبة تبلغ حوالي 39.1% من مجموع لاجئي الوكالة حسب دائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن.
وقد بلغ عدد اللاجئين في الهجرة الأولى التي بدأت عام 1948 حوالي 750 ألف فلسطيني، وانضمت لهم عقب النكسة عام 1967 موجة أخرى، قدر عددهم بحوالي 250 ألف نازح، نصفهم تقريبا من لاجئي الضفة الغربية وقطاع غزة، الذين اضطروا لهجرة ثانية في أقل من عشرين عاما. (مؤشرات دائرة الشؤون الفلسطينية -الأردن).
واستمرت عملية النزوح إلى الأردن بعد ذلك بسبب الإبعاد العسكري وهدم المنازل والوضع الأمني المتردي نتيجة الاجتياحات الإسرائيلية المستمرة للقرى والبلدات والمدن الفلسطينية، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

العدوان الإسرائيلي يجبر منتخبي فلسطين ولبنان على بدء تصفيات مونديال 2026 خارج ملعبهما
وتم بناء 4 مخيمات على إثر الهجرة الأولى عام 1948، كان أولها قرب مدينة الزرقاء، حيث كان التجمع الأكبر للاجئين، وبين عامي 1951 و1954 تم تأسيس 3 مخيمات أخرى، اثنان في العاصمة عمان وواحد في إربد.
وفي الموجة الثانية عام 1967 سكن اللاجئون الجدد في مخيمات مؤقتة تقع في وادي الأردن، على الحدود مع دولة الاحتلال، ومثّل ذلك خطرا عليهم بسبب المواجهات العسكرية، كما شكل الوضع تهديدا لإسرائيل، وكانت تخشى أن يؤدي تمركز اللاجئين بالقرب من الخط الأمامي للصراع إلى عسكرة المخيمات.
وفي 15 فبراير/شباط 1968 اعتدى الجيش الإسرائيلي على منطقة الكرامة ومواقع أخرى في وادي الأردن، ونجم عن الهجوم ترحيل حوالي 54 ألف فلسطيني من مخيم الكرامة، وانتقل كثير من اللاجئين إلى مخيمات الداخل، ونظرا لذلك، أنشأت “الأونروا” والحكومة الأردنية في ذلك العام 6 مخيمات في مواقع جديدة، وأخلت خط الجبهة من أي مخيمات رسمية.
ومع بداية السبعينات من القرن الماضي توقفت “الأونروا” عن إنشاء مخيمات جديدة، واستقرت المخيمات في مواضع محددة، وكانت قد تخلصت حتى ذلك الحين من الخيام، ومع ذلك استمر البناء بسبب النمو السكاني الطبيعي، وولادة جيل جديد داخل المخيمات.
واحتاج الوضع لمزيد من المساحات المبنية، كما أصبحت الوحدات السكنية، سواء الجاهزة أو المبنية بالطوب الطيني، غير صالحة على المدى البعيد، وتطلب الأمر إعادة بناء الكثير منها بالإسمنت، والتوسع في العمران، وأصبحت المخيمات أحياء سكنية متداخلة بالمدن أو مجاورة لها، ولكنها مع ذلك حظيت بمستوى أدنى من حيث الخدمات والمستوى المعيشي.
يبلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن 10 مخيمات رسمية، معترف بها من قبل وكالة الأونروا، و3 مخيمات غير رسمية، هي مخيم الأمير حسن ومخيم مأدبا ومخيم السخنة، ويبلغ عدد اللاجئين داخل المخيمات الرسمية 396 ألف نسمة، ما يشكل نسبة 17.4% من عدد اللاجئين الكلي المسجلين بالأردن.
ويعيش سكان كافة المخيمات في ظروف اجتماعية واقتصادية متشابهة، وقد أنشأت الوكالة في جميعها مدارس ومراكز صحية، غير أنها لا تعتني بالطرق والنظافة، كما لا يوجد لها مكاتب في المخيمات غير الرسمية.
وتتوزع المخيمات على 6 محافظات، وتضم محافظة العاصمة 4 منها، هي: مخيم الوحدات “عمان الجديدة” ومخيم الحسين ومخيم الأمير حسن “النصر” ومخيم الطالبية “زيزيا”. وتضم محافظة مأدبا مخيما واحدا يحمل اسمها، وتضم محافظة البلقاء مخيم البقعة.
أما محافظة الزرقاء ففيها 3 مخيمات، هي: مخيم الزرقاء ومخيم حطين “ماركا” ومخيم السخنة، وتضم كل من محافظتي جرش وإربد مخيمين لكل منهما، وهي على التوالي: مخيم جرش “غزة هاشم” ومخيم سوف، ومخيم إربد ومخيم الشهيد عزمي المفتي “الحصن”.
حق المواطنة
في أبريل/نيسان 1950 أصدر مجلس الأمة الأردني قرار الوحدة بين ضفتي الأردن الشرقية والغربية واجتماعهما في دولة واحدة هي “المملكة الأردنية الهاشمية”، وأصبحت الضفة الغربية تابعة للأردن رسميا.
ومنح القرار اللاجئين الفلسطينيين الجنسية الأردنية، واعتُبروا مواطنين أصليين في الدولة، يحصلون على كافة حقوق المواطنة، سواء الذين يعيشون في المخيمات أو خارجها، ما أتاح لهم فرصة الاندماج في المجتمع الأردني، دون إجبارهم على التخلي عن هويتهم الوطنية.
واستثنى القرار لاجئي قطاع غزة المقيمين في الأردن، حيث كان القطاع تابعا للحكومة المصرية عام 1967، وعوضا عن ذلك منحتهم السلطات الأردنية جوازات سفر مؤقتة تجدد كل سنتين، ولا يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة، إذ لا يحق لهم الانتخاب والعمل في الوظائف الحكومية، ولا تتساوى حقوقهم مع المواطنين في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي.
ويبلغ عدد أهل القطاع في الأردن أكثر من 40 ألفا و600 مواطن، ويقيم أكثر من 25 ألفا منهم في مخيم جرش “غزة” حسب مؤشرات دائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن لعام 2021.
البنى التحتية والخدمات الأساسية لمخيمات الأردن
بعد قرار فك الارتباط بالضفة الغربية عام 1988، تم إلغاء وزارة “شؤون الأرض المحتلة” وشكلت السلطات الأردنية بدلا عنها “دائرة الشؤون الفلسطينية” التي تتولى الرعاية والإشراف على شؤون اللاجئين والنازحين الفلسطينيين في الأردن.
وتنبثق عن الدائرة “لجنة تحسين المخيم”، التي تضم في عضويتها قادة وشخصيات من المخيم، وتمثل اللجنة دور المجالس البلدية، فتتعاون مع الحكومة الأردنية ووكالة الأونروا ودائرة الشؤون الفلسطينية، من أجل تحسين البنية التحتية للمخيمات، من طرق وممرات وشبكات صرف المياه.
ويعد مخيم البقعة أكبر مخيمات الأردن، ويمتد على مساحة تبلغ 1500 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، ويسكنه 128 ألفا و500 نسمة، ثم مخيم حطين الذي يقع على أرض تبلغ مساحتها 917 دونما، ويبلغ عدد سكانه 59 ألفا و500 نسمة. وأصغرها مخيم الطالبية، الذي تبلغ مساحته 132 ألفا و500 دونم، ويعيش فيه أكثر من 10 آلاف نسمة حسب معطيات دائرة الشؤون الفلسطينية بالأردن.
وتضم المخيمات جميعها 169 مدرسة تابعة لوكالة الأونروا، كما أسست الحكومة الأردنية مدارس في بعض المخيمات، وأنشأت الوكالة 25 مركزا صحيا، و14 مركزا نسويا تابعا لإدارتها.
ومعظم مدارس الأونروا مكتظة وتعمل بنظام الفترتين، كما أن غالبها يقدم مستوى تعليميا منخفضا، وتواجه المخيمات نقصا في الخدمات الصحية، وتنتشر فيها العديد من المشاكل الاجتماعية.
وتعاني أكثر مخيمات الأردن من كثافة سكانية عالية، ويعد مخيم الوحدات أكثرها اكتظاظا بالسكان، حيث يعيش فوق مساحة تبلغ 486 دونما أكثر من 60 ألف نسمة.
وتواجه العديد من المساكن مشاكل نقص الإنارة الطبيعية والتهوية، بسبب كثافة البناء وعدم وجود مساحات بين الأبنية، مع تدني الخدمات الأساسية، إضافة إلى مشاكل في نظام الصرف الصحي والنظافة العامة.
وتذكر الأونروا أن العديد من المساكن في المخيمات في حالة سيئة، وهي بحاجة للإصلاح والصيانة، أو غير ملائمة للعيش، تستدعي إعادة بناء، ففي مخيمي الحصن وجرش حوالي 3 من كل 4 مساكن ليست ملائمة للعيش بسبب مشاكل هيكلية، ولا يزال يستخدم لسقف بعضها الصفيح، علاوة على ذلك، يعيش بعض اللاجئين في المخيمات في بيوت مستأجرة.
الوضع الاقتصادي
أتاح حصول معظم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن على الجنسية الأردنية فرصة الاندماج في سوق العمل المحلي، غير أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد تؤثر على اللاجئ كغيره من المواطنين، بل قد تكون وطأتها أشد على سكان المخيمات، حيث الفرص فيها أدنى من غيرها من المناطق، وخاصة بعد الانتكاسات التي سببتها أوضاع الحظر الذي رافق جائحة كورونا في بدايات العقد الثالث من القرن 21.
ويؤثر مستوى التعليم بشكل واضح على نوع العمل الذي يمارسه لاجئو المخيمات، حيث يعمل الحاصلون على التعليم العالي مدراء واختصاصيين وفنيين وكتبة وفي مهن بسيطة، بينما يعمل أكثر الحاصلين على الشهادة الثانوية فقط في مجال المبيعات والخدمات وتشغيل وتركيب الأجهزة، أما الذين حصلوا على التعليم الأساسي وما دونه، فغالبا ما يعملون حرفيين أو عمالا في النقل والبناء والمصانع أو في التجارة والزراعة.
وقد يتوجه بعض الحاصلين على تعليم عال، بسبب قلة الفرص في سوق العمل، والحاجة الملحة، للعمل في مهن أخرى، كالعمل في النقل والبناء أو سائقي تاكسي، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع ظاهرة البطالة المقنّعة، والعمل في وظائف لا تكفي لتأمين متطلبات الحياة.
وتعتبر نسبة البطالة في مخيمات الأردن أعلى من معدل البطالة العام في البلاد، إذ بلغ خلال الربع الأول من عام 2023 نحو 21.9%، كما يعمل العديد من سكان المخيمات في وظائف غير منتظمة، وبدون ضمان اجتماعي أو تأمين صحي.
ويعد الوضع أكثر سوءا في مخيم جرش “غزة”، حيث معظم سكانه ممن نزحوا من قطاع غزة، ومن ثم يحملون الجواز الأردني المؤقت، غير المتمتع بالحقوق الوطنية، وهو ما يمنع اندماجهم الكامل بسوق العمل، بسبب القيود القانونية التي تقلل فرص العمل، فلا يسمح لهم بالالتحاق بالوظائف الحكومية أو العمل في بعض المهن مثل طب الأسنان أو المحاماة أو الهندسة الزراعية أو المحاسبة القانونية أو الصيدلة أو العمل في القطاع السياحي أو البنوك، ولا يمكنهم الحصول على رخصة سواقة عمومية.
أما نسبة الفقر فهي مرتفعة في الأردن، وكشفت مذكرة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2023، أن معدل الفقر بلغ في عموم المملكة 35.4%، وتعتبر بيئة المخيمات الهشة أكثر تضررا، حيث يعتبر معدل الدخل العام في المخيمات أقل مما هو الحال خارجها، وترتفع نسبة الفقر في مخيم غزة بشكل خاص لتصل إلى 54% (مؤشرات دائرة الشؤون الفلسطينية لعام 2017).
مخيمات الفلسطينيين في سوريا
يعيش في سوريا أكثر من 568 ألف لاجئ فلسطيني مسجل، بنسبة تبلغ 11% من عدد لاجئي الأونروا في أقاليمها الخمسة، ويعيش معظمهم في 12 مخيما، منها 9 مخيمات رسمية، هي: “النيرب” و”جرمانا” و”حماة” و”حمص” و”خان الشيخ” و”خان دنون” و”درعا” و”سبينة” و”قبر الست”. ومنها 3 مخيمات غير رسمية، وتقدم الأونروا خدماتها فيها أيضا، وهي: مخيم “اللاذقية” و”اليرموك” و”عين التل”.
وكانت سوريا مقصد عدد من موجات الهجرة الفلسطينية، كان أولها في النكبة عام 1948، وبلغ نصيب سوريا آنذاك 85 ألف لاجئ، وفد أغلبهم من مدن الشمال الفلسطيني، ولا سيما صفد، بنسبة بلغت حوالي 40% من مجموع اللاجئين، ثم تلتها حيفا بنسبة 22%، وشملت الموجة لاجئين من طبرية وعكا ويافا وبيسان والناصرة.
واستقر اللاجئون في منشآت ومواقع حكومية ومخيمات مؤقتة، وفي مستهل عام 1949 أسست الحكومة السورية “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب”، والتي كان يطلق عليها حتى عام 1974 “مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب”، وأوكلت إليها مهمة تنظيم شؤون اللاجئين الفلسطينيين وتأمين احتياجاتهم وتوفير فرص عمل مناسبة لهم، كما عملت بالتعاون مع منظمة الأونروا بعد تأسيسها.
ووزعت “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب” بين العامين 1953 و1955، الأراضي على اللاجئين بشكل مؤقت حتى عام 1957، حيث تم إنشاء المخيم الأول والأكبر في منطقة بساتين الميدان والشاغور جنوب دمشق، وأطلق عليه “مخيم اليرموك”.
وفي الخمسينات من القرن العشرين حدثت موجة هجرة ثانية من لبنان والمناطق الحدودية منزوعة السلاح، وتلتها موجة ثالثة عقب احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وأثناء ضرب الجيش الأردني للمخيمات الفلسطينية في مطلع السبعينات بسبب النزاع مع فصائل المقاومة الفلسطينية، هاجرت موجة جديدة من الفلسطينيين باتجاه سوريا، وفي فترة الحرب الأهلية التي مزقت لبنان فر كثيرون إلى سوريا.
والمخيمات الفلسطينية في سوريا لا تقتصر على الفلسطينيين، بل انضم للعيش فيها سكان من بلدان مختلفة، بينهم سوريون ولبنانيون وعرب وأجانب، كما يوجد العديد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا يسكنون المدن والبلدات السورية خارج المخيمات.
وأثناء الثورة السورية عام 2011 تعرضت المخيمات الفلسطينية لهجمات شرسة، وتم تدمير 70% من مباني مخيم درعا، وعانى مخيم اليرموك من حصار طويل وتدمير وتجويع. وهُجّر سكان مخيمات اللاذقية وعين التل والسبينة، ومنعوا من العودة، وقُتل كثير من اللاجئين الفلسطينيين، واعتُقل العديد منهم، واضطر سكان المخيمات للنزوح إلى مناطق أخرى في سوريا، أو مغادرتها إلى بلدان عديدة، مثل: لبنان والأردن وتركيا وأوروبا وغيرها.
كما أثر زلزال كهرمان مرعش -الذي ضرب تركيا وشمال غرب سوريا في فبراير/شباط 2023- على اللاجئين الفلسطينيين في حلب واللاذقية وحماة في شمال سوريا، وقد تأثر نحو 47 ألف لاجئ فلسطيني وتم تهجير الآلاف مرة أخرى.
الحقوق القانونية لفلسطيني سوريا
صدرت عدة قرارات في سوريا منذ عام 1948 تقيد حقوق اللاجئ الفلسطيني في سوريا، ولكن في عام 1956 تم إصدار القرار رقم 260 الذي ينظم الحقوق القانونية للاجئين الفلسطينيين في البلاد، ويمنح الفلسطينيين المقيمين في الأراضي السورية جميع حقوق المواطنة، مثل التوظيف والعمل والتجارة والتعليم.
وفي عام 1963 قررت وزارة الداخلية منح اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا وثائق سفر، تعفي أصحابها من تأشيرات العودة، ويلزم حاملوها بأن يكونوا مسجلين لدى “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب”.
ولم يُمنح اللاجئون الفلسطينيون الجنسية السورية، ما حرمهم من المشاركة السياسية في الانتخابات والترشح لعضوية مجلس الشعب، كما تمّ تقييد بعض حقوق التملك، بحيث يحق للفلسطيني المتزوج أن يمتلك منزلا واحدا بموافقة وزير الداخلية.
وكذلك تم تقييد حقوق اللاجئين الفلسطينيين الذين دخلوا سوريا فيما بعد الهجرة الأولى، ممن تم تسجيلهم رسميا لدى وكالة الأونروا، بحيث لا يسمح لهم العمل إلا عبر عقد مؤقت، أما من لم يستطع التسجيل لدى الوكالة، فيتم التعامل معه بصفته أجنبيا، إن كان ممن يحمل الوثيقة المصرية، ويعامل معاملة المواطن العربي المقيم إن كان ممن يحملون الجواز الأردني.
البنى التحتية والأوضاع الاجتماعية لمخيمات سوريا
وفّرت منظمة الأونروا منذ تأسيسها خدمات تعليمية وصحية ومنحا مالية لتحسين الأوضاع العامة في المخيمات الفلسطينية في سوريا، فقد أنشأت 102 مدرسة، و23 مركزا صحيا، و13 مركزا نسويا، موزعة على كافة المخيمات، وهناك 38 ألف لاجئ يستفيدون من برنامج الأمان الاجتماعي، وقدمت المنظمة قرابة 112 قرضا.
كما أتيح للاجئين الفلسطينيين الاستفادة من خدمات الحكومة السورية كالمدارس والجامعات والمستشفيات، ونظرا لذلك، انخفضت نسبة الأمية، وشهد التعليم تطورا ملموسا، وتمكن اللاجئون من الحصول على وظائف أفضل.
ومع كل الجهود المبذولة، فقد بقيت المخيمات في سوريا تعاني من مشاكل مشتركة بنسب متفاوتة كغيرها من المخيمات الفلسطينية في البلدان الأخرى، وبشكل عام يواجه معظمها مشاكل الاكتظاظ السكاني، والبنايات المتلاصقة، وكثير منها يحتاج للصيانة أو إعادة بناء، مع نقص في التهوية والإنارة، وبنى تحتية متهالكة وأزقة ضيقة وشوارع مكسرة ونقص في المياه وشبكة صرف صحي قديمة.
وتؤثر الظروف المعيشية السيئة وضعف التنمية الاجتماعية سلبا على الوضع الصحي، وانتشار الأمراض، بالإضافة إلى المشاكل البيئية الناتجة عن عدم التخلص من النفايات ونظام الصرف الصحي الرديء، ويشكل تراجع المستوى التعليمي وتسرب الطلاب من المدارس، وانتشار المخدرات وارتفاع نسب الطلاق ظواهر متكررة في المخيمات.
وفي ظل تتابع الأزمات المتتالية، من تقليص ميزانية الأونروا، وظهور جائحة كورونا، واندلاع الثورة السورية، وما أعقبها من صدامات مسلحة وتدمير المخيمات وحركة نزوح وتجويع السكان ووقوع القتل والاعتقالات في صفوفهم، باتت المخيمات الفلسطينية في سوريا تعيش أوضاعا مأساوية صعبة وظروفا خانقة.
الوضع الاقتصادي
بفضل تمتع معظم اللاجئين الفلسطينيين بحق الدخول الحر إلى سوق العمل والوظائف في سوريا، استطاع اللاجئون الانخراط في الحياة الاقتصادية، والوصول إلى مراتب عليا في الهيئات الحكومية.
وعمل كثير من سكان المخيمات في قطاع الخدمات العامة والخاصة، الذي يستأثر بالحصة الأكبر من إجمالي قوة العمل، وكان قطاع البناء من القطاعات المهمة التي استوعبت نصيبا كبيرا من القوى العاملة، وتوجه آخرون إلى قطاع الصناعة التحويلية وقطاع التجارة وكان الأقل حظا في سوق العمل قطاع الزراعة.
ويعمل العديد من سكان المخيمات في الوظائف الحكومية ومؤسسات وكالة الأونروا، ويشتغل شريحة منهم في الأعمال الموسمية المؤقتة والعمالة المؤقتة في الحرف والأعمال الحرة، أو يعملون باعة متجولين، ويعتمد آخرون على متاجر ومحال متوسطة وصغيرة، تقع على جوانب الشوارع في المخيمات، كما تعمل شريحة أخرى في المصانع والمزارع المحيطة ببعض المخيمات، ويعمل بعض سكان مخيم اللاذقية في صيد الأسماك.
وتتقاسم المخيمات الفلسطينية في سوريا مع غيرها من المخيمات الفلسطينية نصيبها من البطالة المتفشية وتدني الرواتب والفقر، وخاصة بعد الأزمات المتتالية التي لاحقت البلاد.
وتأثر اللاجئ الفلسطيني في سوريا بالوضع الاقتصادي المتردي عقب الحرب وتبعاتها الثقيلة، ثم زاد الوضع سوءا بعد جائحة كورونا التي بدأت مطلع العام 2020.
وصرح المفوّض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أن معدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والضفة وغزة تراوحت بين 80% و90%.
المخيمات الفلسطينية في لبنان
يصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في لبنان إلى نحو 489 ألف نسمة، يضاف إليهم نحو 31 ألف لاجئ فلسطيني ممن نزحوا من سوريا إلى لبنان وفق مؤشرات الأونروا لمارس/آذار 2023.
ويعيش حوالي 45% منهم في 12 مخيما رسميا، هي: مخيم “البداوي” و”البص” و”الرشيدية” و”المية مية” و”برج البراجنة” و”برج الشمالي” و”شاتيلا” و”ضبية” و”عين الحلوة” و”مار إلياس” و”نهر البارد” و”ويفل”.
وقد بدأت المخيمات الفلسطينية في التواجد على الأراضي اللبنانية عقب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، حيث استقبل لبنان منذ النكبة وحتى عام 1950 ما بين 110 آلاف و130 ألف لاجئ فلسطيني.
وحط اللاجئون رحالهم في مواضع عديدة على الأراضي اللبنانية، قريبا من مدينة صور وقرب نبع عين الحلوة وفي بيروت ومحيطها وقرب نهر البارد شمالا وبجوار مدينة بعلبك وفي سهل قرية القرعون في البقاع، ونصب لهم الصليب الأحمر الخيام، وقدمت لهم المساعدات من المواطنين والحكومة.
واستأجرت الأونروا عقب تأسيسها أراضي لمدة 99 عاما، أقامت عليها مخيمات، ووزعت الشوادر (غطاء كبير ينصب ويقوم مقام المظلات) على اللاجئين وبنت دورات مياه عامة ومراكز مشتركة للتزود بالمياه، ونقلت السلطات اللبنانية اللاجئين من القرى الواقعة في جنوب البلاد إلى المخيمات، منعا لوقوع صدامات على الحدود مع دولة الاحتلال.
وبمرور الزمن، بدأت حالة الشوادر والجدران الطينية التي أقامها اللاجئون تتهالك، حيث لا تسمح متانتها بالصمود طويلا، وأذنت الحكومة اللبنانية ببناء وحدات سكنية صغيرة من الطين، كانت تسقف بصفائح “الزينكو”.
ومع عدم ظهور بارقة أمل في حل سريع لمشكلة اللاجئين، بدأت الحكومة اللبنانية بالشعور بالقلق إزاء التداعيات السياسية والاقتصادية والأمنية التي قد تجلبها هذه القضية على البلاد، فقررت الحكومة تكليف الأجهزة الأمنية بمتابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين.
ويمنع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من البناء أو الترميم، إلا بإذن من الجيش، الذي تعسكر وحدات له بالقرب من المخيمات، وتنامت الحاجة إلى ترميم البيوت وتوسيعها، وأخذ سكان المخيمات يدخلون مواد البناء إلى الداخل سرا.
وفي عام 1959 تم إنشاء “إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين” التابعة لوزارة الداخلية والبلديات، والتي تُعنى بالاهتمام باللاجئين الفلسطينيين ورعاية شؤونهم، وتتركز مهامها حول إعانة اللاجئين الفلسطينيين وإيوائهم وتثقيفهم والعناية بشؤونهم الصحية والاجتماعية بالتنسيق مع الأونروا، كما تصدر بطاقات الهوية والأوراق الثبوتية وجوازات السفر وتحدد أماكن المخيمات، وتمنح رخص نقل اللاجئين من مخيم لآخر.
وفي الستينيات من القرن العشرين قامت السلطات اللبنانية بحركة تغييرات واسعة شملت نقل اللاجئين إلى المخيمات، فتم إجلاؤهم من بيروت وجبل لبنان إلى مخيم تل الزعتر، ومن البقاع إلى مخيم الرشيدية، وأدى سخط اللاجئين على الإجراءات التعسفية العسكرية لجهاز الأمن اللبناني للقيام بما أطلق عليه “انتفاضة المخيمات” عام 1969 وعلى خلفية التدهور العمراني داخل المخيمات.
وتم توقيع “اتفاق القاهرة” بين لبنان ومصر في العام نفسه، وبموجبه مُنح اللاجئون الفلسطينيون في لبنان حق العمل والإقامة والتنقل، وإنشاء لجان في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وسمحت الاتفاقية بوجود نقاط الكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات” والسماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلال الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته.
المخيمات مسرح للصراع المسلح
وأثناء الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975، حصل الفلسطينيون على هامش كبير من الحرية، وتنامى البناء وظهرت المباني متعددة الطوابق، وأصبحت المخيمات مدنا صغيرة مكتظة، وأصبحت منظمة التحرير الفلسطينية أشبه بدولة، ووفرت فرص عمل ومؤسسات تعليمية ومراكز للخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية.
وفي الوقت نفسه، أدت الحروب إلى تدمير عدد من المخيمات، فقد دمر سلاح الطيران والمدفعية الإسرائيلي مخيم النبطية، وهجم على مخيمات أخرى، ودمرت الكتائب اللبنانية مخيم تل الزعتر وجسر الباشا، وكانت المخيمات ساحة لمعارك نشبت مع أحزاب اليمين اللبناني، واضطر سكان المخيمات في ظل ظروف الصدام العسكري اللجوء إلى مخيمات أكثر أمنا.

وفي عام 1982 غزت إسرائيل لبنان، وبمساعدة الكتائب اللبنانية ارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا، وانتهى المطاف بإجبار منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة لبنان، الأمر الذي أدى إلى تراجع في الخدمات التي كانت تقدمها المنظمة، ورافق ذلك تراجع في الحريات والحقوق.
وأدت “حرب المخيمات” التي اشتعلت عام 1985 واستمرت لسنوات، إلى تدمير مساحات واسعة من المخيمات وقتل سكانها. وتم تدمير مخيم نهر البارد وتشريد سكانه عام 2007، إثر الصراع الدائر بين حركة فتح الإسلام والقوات اللبنانية.

وفي عام 2011 عقب الثورة السورية، استقبلت المخيمات المكتظّة أساسا، أفواجا جديدة من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، وتعسر التوسع في المباني في ظل القيود المفروضة على مواد البناء وأعمال التعمير في المخيمات، ما زاد الأمر سوءا.
وبمرور الزمن، تغيّرت التركيبة الديمغرافية للسكان في المخيمات، حيث سكنها العديد من غير الفلسطينيين، وفاق عددهم عدد اللاجئين الفلسطينيين في بعض المخيمات، ففي مخيم شاتيلا بلغت نسبة النازحين السوريين نحو 57.7% من إجمالي عدد السكان. وفي مخيم برج البراجنة بلغت نسبتهم 47.9% مقارنة بـ44.8% من اللاجئين الفلسطينيين. (المركز الفلسطيني للإحصاء عام 2017)
الحقوق القانونية
على مدى عقود من اللجوء لم يتمتع الفلسطينيون في لبنان بالحقوق المدنية والاجتماعية بحجة منع التوطين، وتم التضييق عليهم وفرض قيود في حق التنقل والتملك والتعمير والعمل والاستفادة من الضمان الاجتماعي، وفُرض على اللاجئ الفلسطيني المقيم في لبنان حال السفر الحصول على تأشيرة عودة من إحدى السفارات. ولا يسمح للاجئين الفلسطينيين بالاستفادة المباشرة من الخدمات الصحية للمستشفيات الحكومية، إلا عبر نظام التعاقد مع الأونروا.
ولا يحق للاجئين الفلسطينيين الدخول إلى المدارس الحكومية أو الجامعة اللبنانية، على الرغم من استفادتهم من نسبة 10% المخصصة للأجانب في الجامعة اللبنانية، وكذلك يُحرمون من دخول معاهد التعليم المهني والفني وكلية الفنون في الجامعة اللبنانية. وتفرض قيود على تأسيس الجمعيات الفلسطينية، وتلغي السلطات تراخيص الجمعيات القائمة، تحت أدنى المبررات.
وتفرض السلطات اللبنانية إجراءات صارمة على حرية حركة اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات وإليها، وخاصة مخيمات الجنوب ومخيم نهر البارد في الشمال، من خلال تواجد أمني مستمر على مداخل المخيمات ومخارجها، وإحاطة بعضها بأسوار من كل جانب، وتشترط الحصول على تصاريح لدخول مخيم نهر البارد. وتوجب على العرب والأجانب والصحفيين والمنظمات غير الحكومية الدولية استخراج تصاريح لدخول المخيمات ومزاولة أنشطة إغاثية وتنموية وإعلامية فيها.
وقد أقرت الحكومة مجموعة من القوانين بهدف توسيع نطاق الحريات للاجئ الفلسطيني، لكنها لم تكن على مستوى آمال وتطلعات اللاجئين وجمعيات حقوق الإنسان.
ففي عام 2005 أصدر وزير العمل قرارا يسمح للفلسطينيين المولودين في لبنان والمسجلين في سجلات دائرة شؤون اللاجئين بممارسة المهن اليدوية والمكتبية التي كانت محظورة عليهم، ولكن بعد حصولهم على إذن العمل لكونهم أجانب.
وبقي حظر مزاولة المهن الحرة مثل الطب والمحاماة والهندسة وغيرها قائما، وفي عام 2010 تم تقييد القرار بمراعاة تفضيل العامل اللبناني، واشتراط أن يكون الفلسطيني مسجلا بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية.
وفي العام نفسه تم إصدار قرار بإعفاء الفلسطينيين من شرط المعاملة بالمثل، للاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي، وتم إعفاؤهم من رسوم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل، ولكنهم استثنوا من تقديمات صندوقي المرض والأمومة والتقديمات العائلية.
وفي عام 2011 صدر قرار بتخفيف بعض القيود المفروضة على إدخال مواد البناء إلى بعض المخيمات، ولكن لم يتم رفعها بالكامل.
البنى التحتية والخدمات الأساسية
في ظل المساحات المحصورة للمخيمات، ومع استمرار النمو السكاني وموجات الهجرة الداخلية والخارجية، لجأ سكان المخيمات إلى البناء العمودي، واكتظت المخيمات بالبنايات المتلاصقة، ما أدى إلى ضعف التهوية والإضاءة، وغصت المخيمات بالسكان، وارتفعت نسبة الكثافة السكانية.
وتعاني المخيمات بسبب القيود المفروضة على البناء والتعمير، من أبنية متهالكة، تصاحبها بنية تحتية رديئة، وشبكات صرف صحي منهكة، وقد زاد حدة المشكلة تأثر المباني بزلزال عام 2023، وزيادة التصدعات فيها.
وتواجه المخيمات مشكلة في نقص الخدمات الأساسية، حيث لا تتناسب خدمات المياه والكهرباء مع الكثافة السكانية وزيادتها المستمرة، يرافق ذلك تراجع في المستوى التعليمي والوضع الصحي.
وتساهم الظروف المعيشية في المخيمات في ظهور مشاكل صحية مزمنة، ولا يستطيع اللاجئ غالبا تحمل تكاليف العلاج، وفي نفس الوقت، لا تقوم الأونروا بتغطية الجزء الأكبر من الخدمات الصحية، كما لا يستطيع اللاجئون الاستفادة من الخدمات الصحية الحكومية.
الوضع الاقتصادي
نظرا للقيود المفروضة على حرية العمل، فإن اللاجئ الفلسطيني لا يستطيع الانخراط في سوق العمل العام والمنافسة في فرص العمل، حيث تم استبعاده من نحو 39 مهنة نقابية.
وأجبر الوضع القانوني معظم اللاجئين على العمل في وظائف منخفضة الأجر في الاقتصاد غير الرسمي وغير المنظم، واستشرت البطالة بين صفوفهم، بسبب قلة الفرص ومحدوديتها.
ويعمل اللاجئون في المشاريع التجارية الصغيرة والأعمال الحرفية البسيطة، والورش الصناعية والإنشاءات كما يعمل بعضهم في الوظائف التي توفرها منظمة الأونروا في المجال الصحي والتعليمي أو العمل لدى المؤسسات الإنسانية والجمعيات الفلسطينية، وتوجه آخرون إلى الزراعة، حيث يعملون بأجور زهيدة.
كما أدت القيود المفروضة على حرية التملك إلى الحيلولة دون تمكن اللاجئين من توليد وتجميع الثروة من خلال الملكية والميراث.
وقد أدت العوامل مجتمعة إلى ارتفاع مخيف في معدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين، وبحسب مؤشرات وكالة الغوث الدولية فإن معدل الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بلغ عام 2022 حوالي 93% حسب مؤشرات الأونروا لأكتوبر/تشرين الأول 2022.

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى